الثلاثاء، أبريل 29، 2008

اليس خبز الشعب اولى من الجدار العازل ؟!!!

الشعب يتظاهر طلباً للخبز والشرطة ترد بالقنابل المسيلة للدموع والحجارة. هذا ما كان عنواناً سائداً علي كافة الفضائيات تقريباً عشية الاضراب في مصر. الكاميرات التلفزيونية تجمعت في المحلة حيث التجمع العمالي الأكبر والذي يبلغ حوالي 750 ألفاً، ومن هناك شاهدنا الكثير من المتظاهرين يحمون رؤوسهم بأيديهم من الحجارة المتساقطة عليهم، أو هم يعملون لاقفال جروحهم منعاً لمزيد من نزف الدماء. هكذا تكون الشرطة في خدمة الشعب. من مصر الي كافة البلدان العربية نموذج واحد للشرطة وكأنها هيكلية بعيدة عن المعاناة، أو ربما هي حصلت علي زيادة في الأجور بخلاف بقية الشعب وكان عليها أن ترد الجميل للسلطة التي كرمتها .مشهد يشبه الأفلام وصلنا من المحلة ومعه تأكدنا أن الأنظمة تعيش في وادٍ والشعوب في وادٍ آخر، ليس في مصر فقط بل علي امتداد هذه الأمة التي ابتلاها الله بحكام همهم الوحيد الحفاظ علي عروشهم ومن ثمة توريثها بالتي هي أحسن .ومن فلسطين وصلنا بالأمس خبر يفيد باستقواء السلطة علي المعلمين الذين أعلنوا الاضراب طلباً لرفع الأجور. والسلطة هناك لم تستعمل سلاح القمع، بل استعملت سلاحاً فتاكاً آخر وهو حسم من الراتب مقابل كل يوم اضراب. وان لم تكن السلطة في فلسطين المحتلة قادرة علي تعزيز وضع المعلم فما هي مهماتها؟ وهل يقتصر حضورها علي حماية الفساد؟ لقد عُرف الشعب الفلسطيني قبل النكبة وبعدها بتميزه بالعلم الذي وجدت فيه العائلات نوعاً من التحدي للاقتلاع القسري من الأرض والوطن، ونوعاً من اثبات الذات. وهكذا أقبل هذا الشعب علي طلب العلم أينما كان في الشتات، داخل وطنه أو خارجه. ومنذ ان وجدت السلطة في فلسطين المحتلة ونحن نراقب علي مدار السنوات وجود مطالب مشروعة للمعلمين. وربما هم يترحمون علي الأيام التي كانت فيها وكالة الأونروا تدير شؤون مدارسهم ورواتبهم . هذا بعض مما تنقله الشاشات عن سلطاتنا العربية، فهي تتوحد ضد شعوبها سواء أكانت سلطات ترزح تحت احتلال مباشر، أو سلطات ترزح تحت احتلال فكري ونقدي غير مباشر وهي بشكل عام سلطات تعودت علي الفساد، وتُخضع ذاتها لشروط البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ومن المؤكد أنها سياسات اقتصادية غير انسانية ستجلب الوبال علي من يُطأطِئ الرأس لها. ـ وفي مقلب آخر من نشرات الأخبار خبر مفرح للغاية. السلطات المصرية بدأت بناء جدار عند حدودها مع قطاع غزة. ولم لا؟ وأهل هذا القطاع ما زالوا يبدون قلة انضباط وممانعة في عدم الانتظام ضمن قطيع التنازلات . وبالتالي يفترض تأديبهم وحصارهم حتي الامتثال والاذعان أو الموت جوعاً وعطشاً ومرضاً. 400 مليون دولار هي كلفة بناء هذا الجدار بين الأخ وأخيه، ارضاءً لحسن الجوار مع اسرائيل وتنفيذاً للسياسة الأمريكية بضرورة اخضاع القطاع وأهله. ألم يكن من الأجدي أن تصرف هذه الملايين لتأمين الرغيف للشعب المصري؟ ألم يكن من الأفضل أن تصرف هذه الأموال لتأمين احتياجات أهل القطاع الانسانية ؟جدار بين غزة ومصر، هو جدار سلطة، وليس جداراً بين شعب وشعب شقيق. فالشعوب تعرف أنه من الصعب التفريق بينها، أقله علي صعيد المشاعر والمبادئ فلتصرف السلطات أموالها هباءً، ولتسجل في تاريخها مساهمتها المباشرة في خنق غزة وأهلها. والتاريخ لا يرحم .ـ الي فلسطين نعود مجدداً لنقرأ في الصورة التي وصلتنا عبر الشاشات عن لقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس وزراء العدو ايهود أولمرت. هي صورة لا تحمل أي وجه شبه مع مشاعر الشعب الفلسطيني أو حتي الشعوب العربية المؤمنة بعدالة القضية في لقاء عدو مسؤول عن مآسينا علي مدي 60 عاماً. لا شك بأن كل ناظر الي هذه الصورة بتمعن يدرك أن عباس يأتي الي أولمرت من موقع الضعيف، وموقع المستجير. في حين أن هذا العباس يفترض أن يكون مسلحاً بعنفوان الانسان العارف والمتأكد بأن شعبه قادر علي تحمل المزيد من الصعاب والمواجهات في سبيل الوصول الي حقه. لماذا هذا الشعور بالدونية حيال عدو مغتصب؟ عدو يشهد أكثر سكان الكرة الأرضية علي أنه مستوطن جاء من مختلف الأصقاع ليحتل البيت والأرض ولينسف تاريخ شعب، لكنه فشل علي مدي العقود الماضية. كل ما استطاعه هذا العدو هو ترويض بعض الحكام والمسؤولين، بحيث يقفون بمواجهته كما الخدم بمواجهة أسيادهم .نفسياً وسياسياً وقانونياً هذه الصورة التي تصلنا في كل لقاء رسمي من أجل مفاوضات تدور في دوامة من الفراغ مرفوضة حتي من الطفل الفلسطيني الذي ينبض مقاومة. أن يقف عربي في حضرة عدو مغتصب أمر يفرض عليه أن يتحلّي بالشجاعة والعنفوان والكبرياء. فنحن أهل الأرض ونحن من يملك الحق. والآخر يفترض أن يشعر بالذل لأنه يمارس كل هذه العنصرية وكل هذا القتل اليومي، دون أن يتمكن من اخضاع حتي الطفل في فلسطين .
منقول عن مجموعة المحروسة البريدية.

التسميات:

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية